تراجع آسيا بفعل الين القوي وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية واليابانية

شهدت الأسواق الآسيوية تراجعاً ملحوظاً، حيث قادت الأسهم اليابانية هذا الانخفاض بسبب الصعود القوي للين، مما أدى إلى تراجع المؤشر الإقليمي بعد ثلاثة أيام متتالية من المكاسب. هذا التحول يشير إلى تغير في المزاج العام للمستثمرين.
انخفض مؤشر "إم إس سي آي آسيا والمحيط الهادئ" بنسبة 0.2%، في حين انزلقت الأسهم اليابانية بنسبة 1.4%. الين الياباني قفز بنسبة 0.5% مقابل الدولار بعد تصريح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت بأن بنك اليابان متأخر في معالجة التضخم، وتوقع رفع أسعار الفائدة قريباً. كما تراجع الدولار أمام سلة من العملات الرئيسية، بعد دعوة بيسنت لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لتخفيف سياسته النقدية الحالية.
في غضون ذلك، سجلت عملة "بيتكوين" الرقمية مستوى قياسياً جديداً، بينما استقرت عوائد سندات الخزانة الأمريكية دون تغيير يذكر. الأسهم في بورصة شنغهاي ارتفعت لليوم الثالث على التوالي، مما يعكس تبايناً في أداء الأسواق العالمية.
أشار رودريغو كاتريل، الخبير الاستراتيجي في "ناشيونال أستراليا بنك" في سيدني، إلى أن تصريحات بيسنت لها تأثير كبير على الأسواق، قائلاً: "عندما يتحدث بيسنت، فإن الأسواق تستمع باهتمام، وهو يفضل رؤية الين أقوى حالياً. ويبدو أن السوق، على الأقل في الأيام الأخيرة، تولي اهتماماً أكبر لتصريحاته، مما يدفع الدولار للانخفاض".
توقعات بخفض الفائدة الأمريكية تلوح في الأفق
أظهرت قراءة التضخم الأمريكية الصادرة في وقت سابق من هذا الأسبوع إشارات قوية تدعم توقعات خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في الاجتماع القادم، مما دفع الأسهم إلى تسجيل مستويات قياسية وسط مستويات تقلب منخفضة. هذه التطورات تعكس ثقة المستثمرين المتزايدة في قدرة الاقتصاد على التعامل مع السياسة النقدية الأكثر مرونة.
يتزايد الضغط الخارجي على مجلس الاحتياطي الفيدرالي من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حيث قدم بيسنت أوضح مطالبة حتى الآن بضرورة البدء في دورة خفض الفائدة في أقرب وقت ممكن.
واقترح بيسنت أن يكون سعر الفائدة الأساسي أقل بنحو 1.5 نقطة مئوية مما هو عليه حالياً، وأضاف أن المسؤولين ربما كانوا سيخفضون الفائدة لو كانوا على علم بالبيانات المعدلة لسوق العمل التي صدرت بعد الاجتماع الأخير بأيام قليلة، مما يؤكد أهمية البيانات الاقتصادية في اتخاذ القرارات النقدية.
في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ سيرفيلانس" يوم الأربعاء، قال بيسنت: "قد نشهد سلسلة من التخفيضات، بدءاً من خفض بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر"، مما أثار تكهنات واسعة النطاق حول مسار السياسة النقدية الأمريكية.
وكانت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، برئاسة جيروم باول، قد أبقت الشهر الماضي على النطاق المستهدف لسعر الفائدة بين 4.25% و4.5%، في انتظار مزيد من البيانات الاقتصادية لتقييم الوضع.
كتبت جين فولي، الخبيرة الاستراتيجية في "رابوبنك" بلندن، في مذكرة: "هناك مجال للجنة السوق المفتوحة لأن تتبنى لهجة أكثر ميلاً للتيسير العام المقبل، خاصة إذا اختار باول التخلي عن منصبه كمحافظ بمجرد انتهاء ولايته كرئيس"، مما يفتح الباب أمام تغييرات محتملة في السياسة النقدية.
توقعات متباينة لسياسة بنك اليابان المستقبلية
أكد بيسنت أن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة لمواجهة "مشكلة التضخم" المتزايدة في البلاد، مما يعكس قلقاً متزايداً بشأن استقرار الأسعار.
في أحدث استطلاع لـ"بلومبرغ" شمل اقتصاديين يتابعون البنك عن كثب، توقع حوالي 42% رفع الفائدة في أكتوبر، بينما توقع الثلث الآخر حدوث هذه الخطوة في يناير. ومن المتوقع أن يحافظ البنك على سياسته الحالية دون تغيير في اجتماعه القادم في 19 سبتمبر، مما يترك الأسواق في حالة ترقب وانتظار.
كتب غارفيلد رينولدز، رئيس فريق "ماركينس لايف" في "بلومبرغ": "تلقت أسواق العملات تذكيراً جديداً بأن الين يمكن أن يستفيد على الأقل بقدر نظرائه الرئيسيين من التوجه الهبوطي للدولار الأميركي الذي تتبناه واشنطن"، مما يعزز أهمية التوجهات السياسية في تحديد قيمة العملات.
تصريحات ترمب والتطورات الجيوسياسية تلقي بظلالها على الأسواق
صرح ترمب، الذي انتقد أيضاً بنك الاحتياطي الفيدرالي لعدم خفضه الفائدة، بأنه قد يعلن عن اسم رئيس البنك المركزي المقبل "قبل الموعد المحدد"، وأضاف أنه حصر القائمة بين ثلاثة أو أربعة مرشحين لخلافة باول، مما يزيد من حالة عدم اليقين.
من المقرر أن يصدر تقرير أسعار المنتجين يوم الخميس، والذي سيوفر مؤشرات حول فئات إضافية تدخل مباشرة في المؤشر المفضل للفيدرالي لقياس الأسعار، والمقرر نشره في وقت لاحق من الشهر، مما يجعله حدثاً مهماً للمراقبين الاقتصاديين.
قال إيان لينغن من "بي إم أو كابيتال ماركتس": "مع استمرار السوق في استيعاب تغير مسار الاقتصاد الحقيقي بعد بيانات التضخم والوظائف لشهر يوليو، يصبح السؤال المنطقي: ما حجم الخفض الذي يجب أن يقدمه باول؟"، مما يعكس التحديات التي يواجهها صناع السياسات في تحديد الاستجابة النقدية المناسبة.
على صعيد آخر، ظلت التوترات الجيوسياسية مرتفعة بعد أن حذر الرئيس الأميركي من فرض "عواقب وخيمة للغاية" إذا لم يوافق فلاديمير بوتين على اتفاق لوقف إطلاق النار في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وذلك بعد اتصال مع قادة أوروبيين قبل لقائه بالرئيس الروسي، مما يؤكد تأثير الأحداث العالمية على الأسواق المالية.